اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
محاضرة بعنوان المكسب الحلال والمكسب الحرام
6084 مشاهدة
أكل الحرام سبب لرد الدعاء

وإذا عرفنا ذلك فإن على المسلم أن يتوقى الحرام بأنواعه سواء الحرام لكسبه، أو الحرام لقبح فيه ظاهر، يتوقى ذلك كله ويحرص على أن يتغذى ويغذي أهله بالكسب الحلال، وبالمال المباح، وبالطيب الطيب حسيا، والطيب معنويا؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لما ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ويمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له! فهذا دليل على أن التغذي بالحرام سبب لرد الدعاء وعدم إجابته، عدم قبول العبادات، وعدم قبول الدعوات فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل فعل أربعة أسباب من أسباب إجابة الدعاء:
السبب الأول: إطالة السفر؛ وذلك لأن المسافر إذا طال سفره فإنه لا بد أن ينكسر قلبه، ولا بد أن يضعف بدنه، ولا بد أن ينيب إلى ربه؛ فلذلك دعوة المسافر يرجى قبولها إذا طال سفره.
الأمر الثاني: كونه أشعث أغبر أي لم يتفرغ للعناية ببدنه وذلك دليل الانكسار، ودليل الاستضعاف بين يدي الرب سبحانه وتعالى، ودليل التواضع فإن الله يستجيب لمثل هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رُب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره أي لو حلف على الله تعالى . يطلب من ربه كذا وكذا لأجاب دعوته ولأبر قسمه، فهذا أشعث أغبر ومع ذلك لم يستجب دعاؤه ولم يستجب قبوله.
السبب الثالث: رفع اليدين يرفع يديه إلى السماء وهذا من أسباب إجابة الدعاء كما قال صلى الله عليه وسلم: إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا أي خاليتين.
السبب الرابع: التوسل إلى الله تعالى بصفة الربوبية، كونه يقول: يا رب يا رب. يستضعف أمام ربه، أي أنت ربي، أنت مالكي وسيدي، أنت المربي لي ولجميع العباد، ومع ذلك ومع هذا الاستضعاف ما قُبلت دعوته، لماذا؟ لأنه يتغذى بالحرام، ولأنه يلبس الحرام، ويأكل الحرام، هذا جزاء من تغذى بالمحرم.